اسم "
الرحمن"
بقلم عطية مرجان ابوزر
لحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين المُكرمين وبعد:
الإعجاز العددي :
جاء اسم الرحمن علم مطلق في القرآن 58 مرة منها (12) في سورة مريم فقط .
جاء اسم الرحمن في سورة الرحمن بأكملها مرة واحدة.
اسم الرحمن مبالغ صفة الراحم فيقال فلان راحم و لا يقال رحيم أو رحمن .
في رحاب إعجاز اسم " الرحمن "
كان لاسم الرحمن سبحانه مكانة خاصة في القرآن الكريم وقد تجلى بيان هذه الخصوصية في الترتيب الثاني بعد لفظ الجلالة "الله" ومن هذه التجليات :
جاء اسم الرحمن كاملا في الحروف النورانية المعجزة التي وردت في فواتح بعض الآيات فكانت " الر- حم - ن "وقد توزعت "الر" نظما قرآنيا معجزا في خمس سور هي"يونس" و"يوسف" و"الحشر"و"هود"و"إبراهيم"وتوزعت"حم"على سبعة سور هي :- "غافر"و"الجاثية"و"الأقحاف"و".فصلت"و"الشورى"و"الزخر ف"والدخان,"أما حرف "ن" فكان منفردا في سورة القلم. فتلك هي 13 سورة جمعت حروفها النورانية اسم الرحمن. وقد لوحظ أن الحروف "الر" لم تأتي آية مستقلة في أي سورة من السور الخمس التي وردت فيها ؟! كمثلها كان حرف"ن" أما السور السبع التي جاءت فيها حروف"حم" فكانت جميعها آيات مستقلة.
ورد اسم (الرَّحْمَنِ) في القرآن الكريم 48 مرة معرفا يأل التعريف فكان اسم علم مطلق لله تعالى سمى الله به ذاته في القرآن . واكتفى الرحمن باسمه هذا دون تفصيل صفته لما فيه من امتلاء بالصفة تطابقا وتضمنا ودواما سبحانه
لم تأتي كلمة " رحمن " كصفة أو اسم يدل على الله تعالى في القرآن أبدا لما في اسم الرحمن من اكتفاء وامتلاء و تطابق وتضمن وديمومة وعلمية.
أكد الرحمن سبحانه وتعالى على عظمة اسم الرحمن مبينا إمكانية الدعاء به مستقلا دون اسم الله الأعظم قائلا" قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ ...[الإسراء : 110]
كان اسم "الرحمن" آية مستقلة بذاتها "وتر" جاءت في سورة الرحمن و لم jتكرر كآية مستقلة سوى في تلك السورة .
لم يتكرر اسم "الرحمن" في سورة الرحمن سوى مرة واحدة بالاسم العلم .و لكنه كان كافيا بتفرده فيها فلم يأت سبحانه على أي ذكر لاسم " الله " أو أي من أسماءه الحسنى في أي آية من كل آيات السورة أل 87 لبيان عظمة هذا الاسم وامتلاءه وكفايته للدلالة على كل آية في هذه السورة .فدل سبحانه وتعالى باسم الرحمن في سورة الرحمن على أربعون آية من آيات رحمة الرحمن دون ذكر أي اسم من الأسماء الحسنى سوى الرحمن.لمرة واحدة في بداية السورة.
لم يكن أيا من أسماء الله الحسنى آية مستقلة في القرآن كما كانت آية الرحمن ولم تكن سورة كمثلها تحمل اسم من الأسماء الحسنى .
لم يأت سبحانه على صفة " رحمن" في القرآن نهائيا تأكيدا على عظمة اسم الرحمن وكفايته في الدلالة على الرحمة العظمى.
لم يسبق اسم الرحمن في أي أية من آيات القرآن أيا من الأسماء الحسنى سوى الاسم الأول "الله" كمثل الله الرحمن ...
الرحمن : اسم من أسماء الله الحسنى الممنوعة على سواه سبحانه.
اسم الرحمن اسم قديم عرفه الأنبياء من قبل محمد عليهم السلام بدليل قول الله سبحانه : "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف : 45] .
الرحمن : هو الاسم الذي دعا به الأنبياء أقوامهم إلى الله تعالى بدليل كتاب سليمان إلى أهل اليمن" إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل : 30] و دليل قول هارون لقومه " وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [طه : 90] وقال إبراهيم عليه السلام "يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن...ً [مريم : 45] وأمر سبحانه خاتم النبيين بالدعوة للرحمن أيضا " قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ ....[الملك : 29] وبالرحمن استعاذت مريم و زكريا ويونس عليهم السلام وغيرهم " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً [مريم : 18] قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم" ... رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء : 112]
اقترن تنزيل القرآن على خاتم النبيين باسم " الرحمن بدليل قوله سبحانه " تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت : 2] و به كان تعليم القرآن أيضا " الرَّحْمَنِ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن : 2]
باسم الرحمن ينطق المبعوثون من المتقين والكفار يوم القيامة " يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً [مريم : 85]" قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس : 52] " يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً [طه : 109]
اقترن اسم الرحمن بالآيات الربانية المتعلقة بعظائم الخلق كالعرش والملائكة وخلق السموات والأرض بدليل الآيات " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه : 5]" الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً [الفرقان : 59]
أخبرنا الرحمن سبحانه بوجوب ترتيب هذا الاسم من أسماءه بعد لفظ الجلالة الأعظم مباشرة في قوله" قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ ...[الإسراء : 110]
اقترن اسم الرحمن بالإلوهية والتوحيد بدليل قوله سبحانه " وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة : 163]
اقترن اسم الرحمن باسم الرحيم تلازما وترتيبا سابقا دون غيره من الأسماء في ستة آيات محكمات هي : "الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"[الفاتحة : 1][الفاتحة : 3][البقرة : 163][النمل : 30][فصلت : 2][الحشر : 22]
اقترن اسم الرحمن باسم الرحيم تلازما فشكلا معا آية مستقلة كاملة هي الآية 3 من سورة الفاتحة فكانت آية : الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة : 3] آية محكمة لم تتكرر في المصحف .
أسماء الله الحسنى "الله والرحمن والرحيم " كانت بناء متكامل تكرر في القرآن الكريم مرتين فقط في [الفاتحة : 1] و[النمل : 30] .
لم يأت لفظي" الله الرحمن" متلازمين إلا في البسملة الكاملة فقط ولا سواها " بِسْمِ اللهِ الرحمن... [الفاتحة : 1] إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ .... [النمل : 30]
اسم الرحمن كان ذكره في القرآن على الوجه الأغلب وترا منفردا, أي لم يقترن بأسماء أخرى سوى "الله" سابقا والرحيم تاليا. كمثل " الرَّحْمَنُ [الرحمن : 1] قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ... [الملك : 29] مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن ...ٍ [قـ : 33] هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ ...[يس : 52]
ذكرت كلمة "الرحمن" 58 مره في القران علم مطلق ولم تأتي صفة " رحمن " ولا مرة واحدة
ذكرت كلمة رحيم 115 مرة. فنلحظ أن رحمة الرحمن بكافة ما خلق محددة بما كان وكتب في الكتاب المحفوظ من خلق ورزق , بينما رحمة الرحيم بعبادة المتقين تضاعف أضعافا لا حدود لها قابلة للزيادة بزيادة التائبين المغفور لهم " ... يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ... وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الحديد : 28]
كذلك انظر ذكر الرحمن وخشية العذاب والترهيب" يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً [مريم : 45] بينما تقترن " الرحيم" بالمغفرة والترغيب " إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160] وكل ذلك يؤكد الفرق بين معنى الاسمين.
التفسير اللغوي :
الرحمن : اسم علم لا يطلق إلا على الله تعالى , وصفة رحمان تدل على الامتلاء وهي من فعلان وفيها دلالة سعة رحمته تعالى جميع الخلق . أما ظاهر معنى هذا الاسم فمختلف عن ظاهر معنى الرحيم في القرآن وقولهم أن الرحيم مشتق من الرحمن قول مردود عندي بدليل ما ورد من معانيها القرآنية ( طالع خاطرتنا رقم 10 ما بين أسماء الله تعالى " الرحمن"المرهب و "الرحيم" الرءوف)
و" الرحيم " رحيم مختص بالمؤمنين وقد تلازمت كلمة الرحيم بالغفور: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن : رحمن الآخرة والدنيا , والرحيم : رحيم الآخرة" وعلى هذا يكون تأويل الرحمن ما ليس هو للرحيم , وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن.
الرحمن ، هو الله ذو الرحمة الواسعة الشاملة لكل الخلائق (العابد منها والعاصي ) ومن هذه الرحمة : الحياة وما يلزم وجودها من الأمطار والشمس والهواء والغذاء .... فرحمة الرحمن رحمة شاملة تبدأ بلحظة الخلق رحمة لا يستثنى منها ملحد ولا مشرك ولا مؤمن وتفتتح به يوم القيامة, فالرحمن اسم للرب تعالى يدل على الامتلاء والكثرة, وهو من أخص أسماء الله الحسنى بعد لفظ الجلالة "الله" ، جاء مباشرة بعد ذكر الاسم الأعظم في البسملة (بسم الله الرحمن) ولم يسبقه ترتيبا أي اسم سواه في القرآن سوى ما كان في هذه الباقة "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [الحشر : 22] و ما بين أسماء الله تعالى " الرحمن"المرهب و "الرحيم" الرءوف ثمة فرق كبير في دلائل آيات القرآن .
وجوب عبادة الرحمن فريضة على كل الخلائق لعموم الرحمة على كافة المخلوقات قال سبحانه " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً[مريم : 93]
(الرَّحْمَنِ) :- اسم من أسماء الله الحسنى:
اسم الرحمن كان من أسماء الله الممتنعة على المخلوقات التسمي بها لما فيه من خصوصية التعلق بالإلوهية الحق, فلما سمى به الكذاب مسيلمة - مقتطعا إياه من أسماء الله الممنوعة- قال بعض السلف أن الله أضاف اسم الرحيم للرحمن , وهذا كلام مردود لان الله الرحمن الرحيم بناء متكاملا نزل على سليمان من قبل أن يخلق مسيلمة ويتجرأ على التسمي باسم الرحمن, بل اسم الرحمن ممنوع بذاته لأنه لا يليق إلا بالإله الخالق وحده وذلك حال لا يأتيه مخلوق ولا يليق إلا بالله الرحمن فلا يكون لسواه سبحانه وما كان مسيلمة إلا كذوب لعين.
هل الرحمن من الرحمة من الترهيب؟
بملاحظة مواقع اسم الرحمن في سياق الآيات التي ورد فيها نجد أن اسم الرحمن جاء بمعنى غير الرحمة بل بمعنى الترهيب فلم تأت معاني الرحيم كمثل الرحمن ونستدل بالايات :
كان أول ذكر لاسم "الرحيم" في توبة آدم بعد أن عصى ربه فنال رحمة "الرحيم "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]
أما أهم ما كان ظاهرا من معاني الرحيم وتعلقه بالتوبة فقوله تعالى عن ذاته "وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160]
ذلك موسى عليه السلام يخبر قومه بمغفرة الرحيم "فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 54]
وذلك إبراهيم عليه السلام يدعو الرحيم للتوبة عليه"وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 128]
والرحيم هو قابل التوبة فانظر قوله تعالى"أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة : 104]
ورحمة الرحيم ملازمة للمغفرة" نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر : 49] " وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس : 107]
الملاحظ أن اسم الرحيم تلازم بأسماء الله الحسنى " التواب والغفور والعزيز والبر" من غير تلازمها الأصل مع اسم "الرحمن " حيث دل تلازمها مع اسم الرحمن على تكاما اسماء الله الحسنى الترهيبية للكفار والترغيبية للمؤمنون وفيما عدا ذلك فقد تلازمت مع الأسماء الرقيقة الرحيمة والحمد لله على ما هدانا إليه .
آيات من رحمة الرحمن التي ذكرها - القرآن - :
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الرحمة :- التي أثبتها الله لذاته العليا رحمة حقيقية دلّ عليها النقل ، والعقل, أما النقل فهو ما جاءت بعض صوره في القران والتي منها تلك الصور الرائعة الدالة على رحمة العطاء جميعها عطاء للكافة من الخلق بلا تخصيص وهو عطاء القوي المنعم للمؤمن والكافر عطاء ابتلاء للناس دال على العظمة والرهبة لا على الرقة والعفو كما في اسم الرحيم وذلك بدليل قوله بعد تسمية العطاء :- تلك " لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ":
ستة صور من صور رحمة الرحمن في آية واحدة " إن فِي (1) خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ (2) وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (3) وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ (4) وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فأحيى بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (5) وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ (6) وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [البقرة : 164] .
الربوبية للرحمن , ربوبية السموات والأرض وما بينهما ( وما فيهما من خلائق ) من أجمل الآيات التي تدل على رحمة الرحمن وشموليتها وامتلاءها , لما في الربوبية من الرعاية للمربوب والتربية له قال الرحمن سبحانه " رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً [النبأ : 37]
ومن آيات الرحمن إمساك الطير في الأفق بلا عمد تسندها إلى اليابسة " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ...[الملك : 19]
النصر للمظلوم والتقي من أجمل آيات رحمة الرحمن للناس على الأرض " أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ ...[الملك : 20]
حفظ الناس والخلائق من غضب الرحمن وهم يعصونه ليلا ونهارا " قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ....[الأنبياء : 42]
الدقة المتناهية في الخلق العظيم منسوب إلى رحمة الرحمن " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ [الملك : 3]
رحمة الرحمن تكون أيضا في تعارف وتواد وتعاون المؤمنون " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم : 96]
أما من الدلائل على رحمة الرحمن المشهودة بتدبر آياته في الأرض , فلا حصر لها بدءا من النظر النفس البشرية والجسد وفيما حولنا فتلك الآيات المشهودة المبصرة بالقلب والعقل واللمس والنظر لا تحصى, و تشمل كل ما حصل من نعمة لكل الخلق وذات الخلق وتشمل اندفاع النقمة التي هي من آثار رحمة الرحمن, فالمطر, والليل والنهار وفصول السنة , الرزق لكل المخلوقات, الخلق الجميل ونعمة البصر والسمع ...الخ. كلها بعض من رحمة شاملة مدركة بالعقل والعين واللمس وهي جميعها آيات ابتلاء للتدبر وتتضمن الدلالة على العظمة والقوة والهيبة لله تعالى .
الرحمن في الكتاب المقدس:
رغم أن اسم الرحمن ثبت العلم به لأقدم الأنبياء ومنه أنبياء اليهود إلا أن هذا الاسم العظيم لم نجده في تراجم الكتب المقدسة لليهود والنصارى , ونستدل عليهم بقول الله تعالى " كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ ...ِ [الرعد : 30] وهو القائل لنبيه محمد " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف : 45] ونستدل عليهم أيضا بما كتب نبيهم سليمان عليه السلام لدعوة ملكة سبأ للإسلام " إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم [النمل : 30] ونستدل عليهم وعلى الأقوام الأسبق منهم بقول الرحمن فيهم "وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ [الشعراء : 5]
بحثنا عن اسم الرحمن في تراجم الكتاب المقدس فلم نجد له وجود سوى في الترانيم المضافة إليه كترنيمة "يا عسكر الرحمن" التي تقول :
يا عَسْكَرَ الرَّحْمَانِ مَنْ تَجَنَّدوا في مَوْكِبِ الرَّب العَليِّ مَجِّدوا فُزتُمْ بِنَصْرٍ دَائِمٍ فَحَمْدُوا مَلِيكَنَا المَنْصُورْ
والرحمن المقصود في التوراة هو موسى عليه السلام وفي الإنجيل هي من أسماء المسيح ابن الرب والعياذ بالله و سبحان الله عما يصفون.
الإعجاز العددي في سورة الرحمن:
سورة الرحمن مؤلفة من 78 آية . بدأت بكلمة الرحمن كآية مستقلة, وعدد آياتها مماثل لمجموع الحروف المقطعة الواردة في أوائل بعض سور القرآن الكريم ، فعددها هو 78 حرفا .
عدد أحرف لفظ " الرحمن " الستة ، كلها من بين الحروف المقطعة " النورانية " - الر - حم - ن .
عدد السور التي ورد فيها لفظ الرحمن : 18 سورة نستنتج أن عدد السور التي لم يرد فيها هو 96 سورة . ( 114 – 18 ) الفرق بين عددي السور التي ورد فيها والتي لم يرد هو 78 سوره ( 96 – 18 ) ، وقد عرفنا أن العدد 78 هو عدد آيات سورة الرحمن .سبحان الله .
آخر مرة يرد فيها لفظ الرحمن في سورة النبأ :و سورة النبأ هي السورة رقم 78 في ترتيب المصحف ، لقد جاء في السورة التي رقم ترتيبها مماثل للعدد 78 عدد آيات سورة الرحمن .
لفظ الرحمن في سورة مريم : ورد لفظ الرحمن للمرة الأولى في الآية رقم 18 .(قلنا : أن عدد سور القرآن التي ورد فيها لفظ الرحمن هو 18 سورة .(سبحان الله).ورد لفظ الرحمن المرة الأخيرة في الآية رقم 96 ( قلنا: أن عدد سور القرآن التي لم يرد فيها لفظ الرحمن هو 96 سورة . سبحان الله
رقم ترتيب سورة مريم : لفظ الرحمن ورد في المرة الأولى في سورة مريم في الآية رقم 18 هذا يعني أن عدد الآيات قبلها 17 آية وهو العدد المماثل لعدد تكرار اسم الرحمن في سورة مريم .
وهذا دليلا على أن ترتيب سور وآيات القرآن ما كان إلا بالوحي ؟
للمزيد انظر الموقع الرسمي موقع خواطر المرجان في هدى القرآن